نبذة عن هذا الكتاب
أُعِدَّ هذا الكتاب ليحقق هدفًا خاصًا وهو «تهيئة الدارسين للتواصُل مع لغة التُّراث الإسلامي العربي » التي
تمثَّلَتْ لغة القرآن الكريم والسنة النبوية والتراث الأدبي والإسلامي القديم، وحافظت على جمالية الأسلوب
العربي الراقي.
لقد اعتمدتِ الكتبُ السابقة من السلسلةِ : «فصحى العصر »، التي تشمل مختلف جوانب حياتنا المتأثرة
بالحضارة المعاصرة، والتي باتت تستخدم في الإعلام الحديث ونشرات الأخبار والكتابة الحديثة.
ورغم اعتبارها -لدى بعض الباحثين – نمطًا متجددًا لفصحى التراث، فإنها تتميز ببساطة التركيب
والنحو، وضمِّ عدد من الكلمات الأجنبية والدخيلة مقارنة بفصحى التراث.
ومع أن هدف الكتاب الذي بين أيدينا يتوخَّى بالدرجة الأولى «فصحى التراث » فهمًا واستماعًا وقراءة
وكتابة وتحليلً -وذلك ظاهر من خلال نوعية النصوص والنماذج الفكرية والثقافية المنتقاة، التي تعبر
عن خصائص تلك اللغة وترتبط بها ارتباطا تلقائيًا وواقعيًا- فإننا لم نغفل الدور الذي تمارسه «الفصحى
المعاصرة » في خفض المتاعب التي يمكن أن يعانيها الطلاب في فصحى التراث، بالإضافة إلى جذب
اهتماماتهم اللغوية والأسلوبية إلى حد كبير، ومن ثم اعتمدنا عليها في مهارة المحادثة، ووازنَّا بينها وبين
فصحى التراث في لغة الحوارات المقدمة، واستخدمناها في شرح كثير من المصطلحات ومفردات النصوص
الأدبية المختارة.
وبناء على ما سبق، فقد كان الكتاب حريصًا على التوازن في تقديم المهارات اللغوية الأربع، وهي:
)القراءة والكتابة والمحادثة والاستماع(، والعمل على تحسين فعاليتها في ظل تحقيق الهدف المنشود، وهو
«التواصل مع لغة التراث »، دون أن تطغى مهارة على أخرى.
محتويات الكتاب
احتوى هذا الكتاب على ست وحدات، تناولت أهم مجالات التراث الكبرى التي يحرص الطلاب
والمهتمون على دراستِها، والعكوفِ عليها، وتوجيه عنايتهم إليها، وهي: التفسير والحديث والفقه والسيرة
النبوية والحضارة الإسلامية والأخلاق وتزكية الأنفس، فضلً عن إطلالة عابرة على الأدب العربي نثرًا
وشعرًا، من خلال نماذج مختارة من مختلف العصور الأدبية، مع نبذة قصيرة عن تاريخ كل عصر، وأهم
ملامحه الأدبية.
طريقة تنظيم الوحدات
اشتملت كل وحدة من وحدات الكتاب الست على العناصر الآتية:
أولً: المفردات والتعبيرات الاصطلاحية
هي عدد من المفردات والتعبيرات الاصطلاحية المتعلقة بموضوع الوحدة، مع شرح بسيط لها، يعقبها
تدريب أو أكثر يبرز مدى استيعاب الطلاب لهذه المصطلحات.
ثانيًا: الحوار
هو موقف تعليمي يهدف إلى إلقاء الضوء على شخصية بارزة في العلم، من خلال التحاور معه أو عنه،
كابن كثير في التفسير، والبخاري في الحديث، والأئمة الأربعة في الفقه، والحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم في
السيرة، وشخصيات متنوعة في الحضارة الإسلامية، والغزالي في الأخلاق والتزكية.
وقد حرصنا في هذه الحوارات على أن يكون الكلام الجاري على لسان الشخصية من عباراته الحقيقية
بالفعل، حتى يطلع الدارس على لغة الحوار التي كانوا يتحدثون بها في ذلك العصر، أما السؤال ولغة
التحاور معه فغالبا ما يكون بأسلوب معاصر.
ثالثًا: التحليل
هو عبارة عن الملاحظات اللغوية والنحوية والصرفية وبعض الروابط التي يكثر ورودها في لغة التراث،
والمختارة من نص الحوار نفسه، وتدريب الطالب على استيعابها ومحاكاتها.
رابعًا: القواعد
تخيرنا لقسم القواعد نصًا تراثيًا مختصرًا، وهو: «متن الآجرومية » وقسمناه بواقع درسين أو أكثر لكل
وحدة، وقدمنا فيه نص المتن مجردًا من أي تعليق أو توضيح إلا ما ندر، ليقوم المعلم بتحليل محتوى النص
مع الطلاب. ثم ألحقنا ذلك بمجموعة وافرة من التدريبات المتنوعة عبر كتابي الطالب والتدريبات، تسمح
بتعرف مختلف الظواهر اللغوية المرتبطة بالقاعدة، والتدرب على استعمالها.
خامسًا: القراءة والفهم
تعتبر «القراءة والفهم » المهارة الرئيسة في عملية التواصل مع لغة التراث الإسلامي العربي، ومِنْ ثَمَّ
ركَّزْنا في الكتاب على توفير عدد من النصوص والفقرات والعبارات الأصلية، ليُتاح للدارس الاطلاع على
السمات اللغوية والفكرية التي تتمتع بها لغة التراث في أكثر من موضع:
ففي الحوارات، حرصنا على إيراد فقرات وجمل وعبارات أصلية من لغة الشخصية ذاتها.
وفي القراءة، اخترنا لكل وحدة نصًّا ذا موضوع متكامل – قدر الإمكان- من مصدره الأصلي دون تدخل،
ليتسنى للطالب التعرف على الخصائص اللغوية والفكرية والمنهجية للموضوع الذي يمثله، يعقبه تدريبات
جرى التركيز فيها على مهارة استيعاب المقروء وفهمه بكل أنواعه، مع إتاحة الفرصة للطالب لمناقشة بعض
الفقرات في النص وإبداء رأيه فيها.
وفي المحادثة، أوردنا نصًّا أصليًّا أمام الطلاب للنقاش والحوار حول مضمونه، ومن أمثلة ذلك: «نص
نبوي شريف » في وحدة الحديث ورجاله، ونص من كتاب «الرسالة » للإمام الشافعي في وحدة الفقه
والفقهاء، ونص من كتاب: «خلاصة سير سيد البشر » لأبي العباس محب الدين الطبري في وحدة السيرة
النبوية، ونص من كتاب «الأخلاق والسير في مداواة النفوس » لابن حزم الأندلسي في وحدة الأخلاق
وتزكية الأنفس.
وفي الكتابة، اقترحنا نص خطبة الوداع في وحدة السيرة النبوية للتقديم له بمقدمة كتابية، هذا فضلا عن
نصوص متن الآجرومية في القواعد، والنصوص النثرية والشعرية في التذوق الأدبي.
سادسًا: الاستماع
توخينا في هذه المهارة أن يكون الدارس وجهًا لوجه مع لغة التراث من خلال إطارين:
الإطار الأول: بعنوان: «استمع وافهم »، وفيه قُدّمتْ مادة مسموعة تتعلق بموضوع الوحدة على غرار برامج
إذاعات القرآن الكريم، بصوت موحد يهدف إلى التركيز على النص، ويمرن الطلاب على دقة المتابعة، وتَعَوُّد
هذا اللون من اللغة.
ومما ورد فيه: تفسير سورة الفاتحة، وشرح حديث نبوي، وبيان لبعض القواعد الفقهية ودروس من
السيرة النبوية، وسمات الحضارة الإسلامية، وعلامات مرض القلب وصحته.
الإطار الثاني: بعنوان: «شاهد وافهم »، وفيه قُدّمتْ مادة مرئية لعلماء متخصصين في موضوعات الوحدات
من مختلف الجنسيات العربية، بهدف إشراك أكثر من حاسّة في عملية الاستماع، وملاحظة طريقة أداء
العلماء في تناول موضوعات التراث، وكيفية التعبير عنها.
يسبق كل إطار من هذين الإطارين نصائح مفيدة في عمليتي الاستماع والمشاهدة، ليتوفر لهم جو ملائم
للاستماع والقدرة على المتابعة الدقيقة، ويعقبهما أسئلة تبين مدى استيعابهم لما عُرِضَ فيهما.
سابعًا: المحادثة:
تحظى مهارة المحادثة بمكانة لائقة في هذا الكتاب، رغم أن العرف قد جرى في مثل هذا النوع من
الكتابات الانحياز لمهارة القراءة على حساب المحادثة، إلا أننا عززنا هذه المهارة هنا بطرق شتى منها:
إتاحة التعليق على الحوارات، والقيام بدورٍ فيها، وبسط أسئلة أو تعليقات أو تعقيبات بديلة.
مناقشة نص القراءة، والتعليق على بعض الفقرات الواردة فيه.
تخصيص قسم خاص للمحادثة يتيح للدارسين ما يأتي:
التدريب على بعض العبارات والأساليب، التي تُسهم في تنمية الحوارات وإبداء الآراء.
الارتجال المعزز بالمعلومات في بعض الموضوعات المتعلقة بموضوع الوحدة، يختار الطالب واحدًا
منها، ويرتجل في الحديث عنها بعد القراءة في موضوعها بشكل عام، وقد حرصنا على توجيه الطالب في
هذا القسم من خلال إرشاده إلى بعض الملاحظات التي تفيده في تنمية هذه المهارة، كما حرصنا على تكرار
الإرشادات في كل مرة، ليستوعبها استيعابًا كاملً.
محاكاة بعضٍ من أساليب الحوارات، ونصوص القراءة وتنمية الحديث من خلالها.
التدرب على التعقيب والتعليق على بعض الأقوال، سواء بالشرح أو التفسير أو التأييد أو النقد.
مناقشة نص قصير بالتعليق عليه وشرحه، واستثماره في تبادل الأسئلة والأجوبة مع الزملاء، سواء بطريقة
مفتوحة أو مقيدة بأسئلة موجهة.
التحضير لدرس أو خطبة أو محاضرة، يُلقيها بين يدي زملائه شفويا، مع مراعاة أصول الخطاب
وتعليماته الواردة في الكتاب.
ثامنًا: الكتابة
وُظِّفَتْ مهارة الكتابة في هذا الجزء بشكل يتلاءم مع ما تتطلبه دراسة لغة التراث؛ حيث هدفنا إلى تمرين
الطالب من خلالها على الآتي:
إقداره على عنونة النصوص، واستخلاص أفكارها الرئيسة، والتعبير عنها بأسلوبه.
إقداره على عرض محتوى كتاب بأسلوبه الخاص، مبينا رأيه فيه من خلال محاكاة بعض النماذج.
إكسابه مهارة كتابة تلخيص النصوص بلا إخلال، مع الاستخدام الجيد لأدوات الربط المناسبة.
تمكينه من مهارة إعادة صياغة الفقرات بأسلوبه الخاص، وشرح بعض الأفكار في صورة فقرات.
إقداره على كتابة مقدمات توضيحية لنصوص تراثية، تتضمن الحديث عن مناسباتها، وأهم سماتها الأسلوبية.
تدريبه على مهارتي التعليق والتعقيب على النصوص، وفق خطوات محددة، مع الاستئناس بنماذج
تطبيقية.
تدريبه على مهارة كتابة القصة القصيرة، وفق خطوات محددة، مع الاستئناس بنماذج عملية تطبيقية.
تاسعًا: التذوق الأدبي
يحتاج التذوق الأدبي إلى دراسة مستقلة، تسمح للدارسين بالوقوف التفصيلي على خصائص الأدب
العربي نثرا وشعرا، عبر عصوره الأدبية المختلفة. غير أن طبيعة الكتاب هنا لا تسمح بمثل تلك الدراسة.
ولكون الدراسات الأدبية أصيلة في عملية التواصل مع لغة التراث، رجحنا أن يكون الدارسون ملمين -ولو
بطرف يسير- ببعض هذه السمات والخصائص؛ فاخترنا نماذج أدبية )نثرية وشعرية( من مختلف العصور
الأدبية، مع نبذة قصيرة عن تاريخ كل عصر وأهم ملامحه الأدبية. وكان تناولنا لها على النحو الآتي:
تقسيمها على الوحدات الست حسب أبرز العصور التاريخية، فبدأنا بالعصر الجاهلي ثم صدر الإسلام،
ثم الأموي، ثم العباسي، ثم الأندلسي، ثم الحديث.
اختيار نموذجين من كل عصر، أحدهما نثري والآخر شعري.
مقدمة عامة في الوحدة الأولى للتعريف بالأدب العربي، ونوعيه النثر والشعر مع بيان أهم عصوره
المختلفة.
تعريف العصر الذي تنتمي إليه النصوص المختارة، وتوضيح أهم سماته وأبرز شعرائه ما أمكن.
التعريف بالشاعر مختصرًا، ومناسبة النص إن وجدت.
تقديم النص مضبوطا بالشكل، ثم التعقيب عليه ببيان ألفاظه الصعبة، وبعض الشروح اليسيرة.
* * *
ومِمَّا يجدر ذكره، أن التراث الإسلامي العربي ثري وواسع الامتداد زمانًا ومكانًا، وعلومًا ومعارف، ومن
ثم فإن حصره في كتاب واحد، أو بضعة كتب، ليس بالأمر الممكن.
وما قدمناه في هذا الكتاب ما هو إلا محاولة لتجهيز الدارسين لأن يبدأوا رحلة التخصص في عالَم
التراث، سواء في مجال واحد منه، أو عدة مجالات، على أن يتزودوا خلال تلك الرحلة الطويلة بالزاد اللازم
لها، من القراءة المتواصلة، والاطلاع، والبحث الدؤوب، والاسترشاد بالعلماء والمتخصصين، حتى يطمئنوا
إلى إمكانية استقلالهم في الاطلاع الذاتي على التراث، دون الحاجة إلى درس أو مدرس.
ولا يسعنا في ختام حديثنا نحن -المؤلفين- إلا أن نعبر عن وافر شكرنا، وعميق امتناننا لكل من
أسهم بشكل مباشر أو غير مباشر، في إخراج السلسلة عامة، وهذا الجزء خاصة إلى حيز الوجود، سواء
الإخوة المعلمون الذين أفادونا بملحوظاتهم القيمة، أو السادة الأساتذة الذين أسهموا بمرئياتهم وكتاباتهم
وأصواتهم في إثراء العمل.
إن تلقِّي المقترحات البنَّاءة والآراء الفاعلة والأفكار السديدة التي من شأنها الإسهام في تطوير السلسلة،
https://attakallum.com/ لهو من دواعي سرورنا، لذا يمكنكم إرسالها على موقع السلسلة بعنوان:
Reviews
There are no reviews yet.