سلاطين الدولة العثمانية
إن الدولة العثمانية هي أعجوبة من أعاجيب التاريخ في ظروف نشأتها وقيامها، وفي قادتها وسلاطينها، وجميع شؤونها. اقتحمت التاريخ من غير استئذان، وزاحمت الدول، وشَغلت العالم وخَطفت الأبصار والأسماع، وحملت راية ليست بموضع ترحيب بين الرايات، وشَرَّقتْ بها وغَرّبَتْ وركزت سواريها في الآفاق، ورفعتها فوق هامات الرايات، وامتد سلطانها واتسع، وغالبت وغلبت، فإذا بها تنداح عميقا في شعاب أوروبا تطرق أبواب عواصمها ومدنها الكبرى، وفي آسيا وإفريقيا لها كذلك صوت مسموع، ورأى مقبول، وأمر مطاع.
وسلاطين بني عثمان ليسوا برجال دولة فحسب؛ بل هم إلى جانب ذلك كله ذو اهتمامات أخرى، فكثير منهم يقرضون الشعر، وبعضهم له اهتمام بالموسقى عزفا وتأليفا، وآخرون يحترفون حِرَفا يلمون بها إلمام الخبراء، ويبدعون بها إبداعات شتى. وأغلبهم مهتمون بالخط العربي يكتبون به أجمل اللوحات ويشجعون عليه.
أما المساجد التي بنوها وزينوا بها عواصمهم ومدنهم فهي بشموخها وعظمتها ودقة هندستها وما تحتوي عليه من اللمسات الفنية ومن جمالية الخطوط التي تزين جدرانها بآيات من القرآن الكريم ما يجعلها آية من آيات الجمال المعماري يقل نظيره في بلدان العالم.